شعراء مسيحيون عرب يمدحون النبي الكريم


* ميخائيل بن خليل الله ويردي:
صلى الإله على ذكراك ممتدحاً
حتى تؤم صلاة البعث بالأمم
* شلبي ملاط:
من للزمان بمثل فضل محمد
وعـدالة كعـــــدالة الخطاب
* إلياس فرحات:
غمر الأرض بأنوار النبوة
كوكب لم تدرك الشمس علوه
* رشيد سليم:
فإن ذكرتم رسول الله تكرمة
فبلغوه سلام الشاعر القروي
* جورج سلمتي:
ياسيدي يا رسول الله معذرة
إذا كبا فيك تبياني وتقصيري
* نقولا فياص:
نبــيَّ العـــرب ألهـمني بيــانا
علـى عجزي أهزبه الزمانا
* خليل مطران
عانى محمد ماعانى بهجرته
لمأرب في سبيل الله محمود
لا تزال شخصية الرسول -صلى الله عليه وسلم- مصدرا لإلهام الشعراء. وإذا كان من اليسير أن نعرض لما جاء في أشعار الشعراء المسلمين عن نبيهم الكريم، فإنه يكون من الأكثر إفادة أن نلقي نظرة على أشعار كوكبة من الشعراء العرب الذين لم يعتنقوا دين محمد -صلى الله عليه وسلم- ومع ذلك أنصفوا نبي الإسلام بعد أن درسوا سيرته دراسة وافية دقيقة، وهم في الحقيقة لم ينصفوا سوى قيم الأمانة والموضوعية والحق، وهي قيم تتطلب من رجالها أن يترفعوا عن التعصب والصَّغار والحقد الموروث...
والحقيقة أن العرب غير المسلمين لم تكن صلتهم بالإسلام من الناحية الثقافية والاجتماعية والأخلاقية بأقل من علاقة أخوانهم العرب المسلمين؛ فلا غرابة إذاً أن نقرأ شعرا عربيا لشعراء عرب غير مسلمين تقطر أبيات قصائدهم حبا وهياما وإنصافاً لشخصية الرسول الكريم النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم.
ومن هؤلاء الشاعر جورج صيدح وقصيدته (صحراء يثرب) حيث يقول:
لا يعجز الله الذي
إن قال كن للشيء كان
أمر الرمال فأطلعت
صحراء يثرب أقحوان
للرسل آيات وهذا الـ
نبي آيته البيان
الروح يملي ما يتر
جمه ونعم الترجمان
بالضاد أذن ربه
فتخلدت لغة الأذان
شرفا حراء الغار هل
كحراء في الدنيا مكان؟
أخذ الشهادة من شفاه
المصطفى أخذ البيان
في صدره ضم النجيّ
وصان معجزة الزمان
وتنزلت أم الكتاب
على اليتيم مع اللبان
فهدى الأعارب ذلك
الأميّ بالسُّوَر الحسان
أضحوا وفي الدنيا لهم
شأن وعند الله شان
أما الشاعر والطبيب نقولا فياض وقصيدته (محمد) من ديوانه (رفيف الأقحوان) فهو يناجي النبي العربي بقوله:
نبيَّ العرب ألهمْني بيانا
على عجزي أهز به الزمانا
وأرفع للنفوس لواء حق
وأبسطه على الدنيا أمانا
وأجعل في حنايا كل صدر
لمولدك المبارك مهرجانا
وهذا شاعر القطرين خليل مطران الذي عاش في مصر بعد أن قدم إليها في العشرين من عمره من لبنان وكان سمحاً نبيلا يشارك المسلمين في احتفالاتهم الدينية بقصائد ممتازة، من ذلك قصيدته (رسالة محمد رسالة الله) التي يقول فيها:
رساله الله لا تنتهي بلا نصب
يشقي الأمين وتغريب وتنكيد
رسالة الله لو حلت على جبل
لاندكّ منها وأضحى بطن أخدود
ولو تحملها بحر لشب لظى
وجف وانهال فيه كل جلمود
فليس بدعاً إذا ناء الصفيّ بها
وبات في ألم منها وتسهيد
ينوي الترحل عن أهل وعن وطن
وفي جوانحه أحزان مكبود
يكاد يمكث لولا أن تداركه
أمر الإله لأمر منه موعود
عانى محمد ما عانى بهجرته
لمأرب في سبيل الله محمود
كذا جهاد والجهاد على
قدر الحياة ومن فادي بها فودي
أما الشاعر القروي رشيد سليم الخوري فلفرط حسه القومي كاد يخرج على عقيدته المسيحية إلى عقيدته القومية الإسلامية حيث يقول مخاطباً أحد زعماء ثورة الدروز ضد الاستعمار الفرنسي 1963م:
إذا حاولت رفع الضيم فاضرب
بسيف محمد واهجر يسوعا
«أحبوا بعضكم بعضا» وَعَظْنا
بها ذئبا فما نجى قطيعا
كما يقول في قصيدة أخرى محتفيا بمولد النبي الكريم:
بدا من القفر نور للورى وهدى
ياللتمدن عم الكون من بدويّ
يا جاعل الأرض ميدانا لقوته
صارت بلادك ميدانا لكل قويّ
يا حبذا عهد بغداد وأندلس
عهد بروحي أفدي عوده وذويّ
فإن ذكرتم رسول الله تكرمةً
فبلغوه سلام الشاعر القرويّ
وكان الشعراء المسيحيون العرب في المهجر الأمريكي يحتفلون مع إخوانهم المسلمين بذكرى الميلاد النبوي الكريم في شهر ربيع الأول من كل عام. ومن أشهر هؤلاء: الشاعر إلياس فرحات الذي يقول في إحدى قصائده:
غمر الأرض بأنوار النبوه
كوكب لم تدرك الشمس علوه
لم يكد يلمع حتى أصبحت
ترقب الدنيا ومن فيها دنوّه
بينما الكون ظلام دامس
فتحت في مكة للنور كوّه
وطمى الإسلام بحرا زاخرا
بأواذي المعالي والفتوه
إن في الإسلام للعرب علا
إن في الإسلام للناس أخوه
من رأى الأعراب في وثبتهم
عرف البحر ولم يجهل طموّه
ووفد الشاعر اللبناني الكبير شبلي ملاط إلى مصر في مناسبة مبايعة شوقي بإمارة الشعر عام 1927م فألقى قصيدة ضافية بهذه المناسبة لم تقتصر على مبايعة شوقي بالإمارة بل تعدتها إلى الحديث عن مصر والعرب والإسلام ومحمد صلى الله عليه وسلم. وقد هز الشاعر الكاثوليكي الكبير قلوب السامعين حين تعرض لنبي الإسلام وعهد الخلافة الزاهر وعصر العرب في الأندلس فأطرب وأمتع حين قال:
من للزمان بمثل فضل محمد
وعدالة كعدالة الخطاب؟
رفع الرسول عماد أمة يعرب
وأعزها بالأهل والأصحاب
غشت الفتوح وصفقة راياتها
في الشرق فوق أباطح وهضاب
حي الجزيرة في مسارحها وما
في الريف من ري ومن إخصاب
واسمع فديتك نبرة مضرية
عربية في منطق خلاب
واستنشد القرآن قوما جودوا
منه بآي النفوس عذاب
واقرأ به فصحى اللغات مدلة
في المشرقين بجوهر الأحساب
لولا يد الإسلام لم تسلم بها
فيها من الأخلاق والآداب
من لم يصن لغة الجدود فليس في
قومية تنمية في الأنساب
أما الشاعر اللبناني المهاجر محبوب الخوري الشرتوني فيقول في إحدى قصائده:
قالوا: تحب العرب؟ قلت: أحبهم
يقضي الجوار عليّ والأرحام
قالوا وقد بخلوا عليك أجبتهم
أهلي وإن بخلوا عليّ كرام
ومحمد بطل البرية كلها
هو للأعارب أجمعين إمام
قالوا البداوة قلت أطهر عنصر
صفت النفوس لديه والأجسام
الأريحية والشهامة والندى
في الأرض حيث أيانق وخيام
وللشاعر المهجري إلياس قنصل قصيدة بعنوان (النبي العربي الكريم) يقول في مقدمتها أنه كتب هذه القصيدة بعد أن قرأ تحاملا كافرا على الأمة العربية وعلى القرآن الكريم حيث يقول فيها:
إني ذكرتك يا محمد ناشرا
يعلو (بلال) العبد أشرف قبة
حق المواهب أن يقدر أهلها
روح الأخوة في بني الإنسان
ليذيع منها أشرف الألحان
لا فرق في الأجناس والألوان
وهذا الشاعر جورج سلمتي يقول في إحدى قصائده:
ياسيدي يارسول الله معذرة
إذا كبا فيك تبياني وتقصيري
وأنت رب البيان الفذ في لغة
تشؤون اللغى حسن تنميق وتصوير
على لسانك ما جن البيان به
وأقبل الشعر يرنو شبه مسحور
ماذا أوفيك من حق وتكرمة
وأنت تعلو مدى ظني وتقديري
أما الشاعر السوري ميخائيل بن خليل الله ويردي، ويعدّ أول شاعر مسيحي يعارض قصيدة البردة، وفهو في قصيدته يعبر عن انفعالاته ومشاعره بصدق وعفوية بعيدا عن التكلف والتزيد. وجاءت هذه القصيدة في مئة وخمسة وعشرين بيتا مطلعها:
أنوار هادي الورى في كعبة الحرم
فاضت على ذكر (جيران بذي سلم)
يعرض فيها مآثر العرب والإسلام وما اصطفى الله به رسوله الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق وحميد الصفات وطيب النفس وما جاء به من مبادئ إنسانية وسنن خالدة وما دعا إليه من تعاليم سمحة، لو اتبعها الناس لما ضلوا سواء السبيل, ثم يذكر محاسن الرسول ويعبر عن حبه له الذي يصل إلى حد العشق ويفخر بممدوحه الذي ألهمه هذا الشعر المنزه عن أي غرض فيقول:
يا أجمل الخلق سيماء وأظرفهم
طبعا وأوفاهم بالعهد والذمم
عشقت فيك صفات جل مبدعها
كالغيد تفتن لب الشاعر الفهم
وحسن شعري بكم من شمسكم قبس
والنبع ما سال لولا صيب الديم
فإن أجدت بهذا الطل مدحكم
فكل معنى بكم كالهاطل العرم
ويختم قصيدته بقوله:
صلى الإله على ذكراك ممتدحا
حتى تؤم صلاة البعث بالأمم
وبعد... فلعلنا قد تبينا من هذا العرض أن الثقافة الإسلامية العربية هي التي شكلت وكونت الأمة العربية بطوائفها المختلفة، ونطقت على ألسنة هؤلاء الشعراء بالفكر السوي والقريحة الجيدة شهادة الحق للنبي محمد صلى الله عليه وسلم وإن لم يكونوا مسلمين، وكنا نودّ لو أن ذلك قد قادهم إلى الحق ذاته إذاً لصدق القول الفعل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق